إثر تعقّب رحلة طائر البقويقة السلطانية مخطط الذيل، الذي يُقال إنّه يمتلك الديناميكا الهوائية للمقاتلات النفاثة، وهو طائر نادر، استطاع التحليق دون توقُّف لأكثر من 12 ألف كم
بذلك كسر الطائر الرقم القياسي العالمي لرحلات الطيور المستمرة. ويُذكر أنّها المرة الثانية التي يكسر فيها هذا الطائر الرقم القياسي العالمي.
رحلة طويلة لأحد الطيور
حيث انطلق طائر البقويقة السلطانية مخطط الذيل من جنوب غربي ألاسكا في اتجاه أراضيه الصيفية بنيوزيلندا يوم 17 سبتمبر2021، لكنه واجه رياحاً عاتية فوق المحيط الهادئ جنوب فيجي، مما أجبره على تغيير وجهته إلى أقصى الغرب باتجاه أستراليا.
يحمل الطائر جهاز تعقُّب صغيراً بالأقمار الصناعية ويعمل بالطاقة الشمسية. وقد كشف الجهاز أنه حط في مدينة تويد هيدز، على بُعد نحو 800 كيلومتر شمال سيدني في تمام الساعة الـ9:30 صباحاً يوم 27 سبتمبر2021. مما يعني أنه حلّق بلا توقف لمسافة 13.048 كيلومتراً، لتكون رحلته بذلك أطول رحلة طيران مستمر مسجلة لطائر بري على الإطلاق.
حلّق طائر البقويقة السلطانية، الذي يحمل رقم 4BBRW، لمدة 239 ساعة (قرابة عشرة أيام) في رحلته فوق المحيط الهادئ.
بالصدفة رصد جيوف وايت، مصور الطيور الأسترالي الشهير، جهاز الإرسال المثبّت على ظهر الطائر بعد خمس ساعات من هبوطه عند مصب نهر بالقرب من الحدود بين ولايتي كوينزلاند ونيوساوث ويلز. وحينها التقط وايت عدداً من الصور القريبة، ليكتشف أهمية الطائر لاحقاً، حيث قال: “كنت أسير على الشاطئ وقلت في نفسي حين رأيته: ياله من طائرٍ مميّز!”.
مراقبو الطيور الدوليون
حين بحث عن الرقم المرجعي للطائر على الإنترنت، اكتشف مدى أهميته الكبيرة لمراقبي الطيور الدوليين من قبل أن يُحطم الرقم القياسي العالمي حتى.
حيث حطم طائر البقويقة السلطانية رقم 4BBRW الرقم القياسي العالمي (الذي استمر لـ13 عاماً) لأطول رحلة طيران بلا توقف في عام 2020، حين حلّق باستمرار لمسافة 12 ألف كيلومتر تقريباً من ألاسكا إلى ملجأ طيور الشاطئ في الجزيرة الشمالية بنيوزيلندا.
في فصلٍ آخر من قصته، كسرت إحدى إناث البقويقة السلطانية رقمه القياسي بفارق نحو 200 كيلومتر، حين حطّت في نيوزيلندا قادمةً من ألاسكا صباح الـ26 من سبتمبر2021.
لكن الطائر 4BBRW عاد في اليوم التالي ليهبط في أستراليا ويسترد رقمه القياسي العالمي.
غادر أستراليا بعدها ليحلّق لمسافة 1931 كيلومتراً باتجاه نيوزيلندا، التي وصلها بعد 11 يوماً. ويقبع الطائر متخفياً وسط الآلاف من طيور البقويقة السلطانية المجتمعة في فصل الصيف، لكنه لم يغب عن عيون مراقبي وخبراء الطيور.
تشبيه الطائر بالمقاتلات النفاثة
في حين شبّه بعض الخبراء هذا الطائر بالمقاتلات النفاثة بفضل أجنحتها الطويلة المدببة وشكله المصقول، كما تتمتع طيور البقويقة السلطانية بكفاءةٍ عالية في تحويل الوقود إلى طاقة. ويصل وزن ذكور البقويقة السلطانية إلى 400 غرام في المتوسط، وتتغذى على الرخويات والديدان والحشرات المائية قبل الرحلات الطويلة، مما يُضاعف حجم الطائر عادةً. كما يُمكن لهذه الطيور أيضاً تقليص أعضائها الداخلية لتخفيف حمولتها. وهناك أدلةٌ على أن هذه الطيور تستطيع النوم أثناء التحليق.
ربما لا يعرف العلماء الكثير من التفاصيل عن نظام ملاحة طيور البقويقة السلطانية، لكن عالم الطيور النيوزيلندي فيل باتلي قال إنّه من المعروف عن بعض الطيور استخدام النجوم وحركة الشمس لمساعدتها في التوجيه.
أردف باتلي: “الرائع في الأمر هو معرفتنا بقدرة تلك الطيور على اجتياز محيطٍ ضخم، ثم العودة في نهاية المطاف إلى النقطة نفسها التي تركوها قبل تسعة أشهر، كما تفعل الطيور البحرية حين تُحلّق حول العالم ثم تحط في غابةٍ على بعد أمتار قليلة من أعشاشها”.