منذ نحو خمس سنوات، تعرض النظام البيئي البحري على الساحل الغربي للولايات المتحدة الأميركية لاضطرابات شديدة بسبب ظاهرة “البلوب” (تيار بحري دافئ) التي أدت أيضا إلى تراجع عائدات أسماك السلمون في المنطقة.
ومؤخرا، نمت مساحة جديدة من الماء الدافئ بشكل غير عادي وبسرعة كبيرة في المنطقة نفسها.
ووفق تقرير جديد للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي في الولايات المتحدة، صدر في السادس من سبتمبر/أيلول الجاري، فإن مساحة موجات ظاهرة “البلوب” الحارة تمتد قبالة الساحل الغربي تقريبا من ألاسكا في الشمال إلى كاليفورنيا في الجنوب.
وتعد الموجة الحالية ثاني أكبر موجة بحرية حارة من حيث المساحة في شمال المحيط الهادئ في السنوات الأربعين الماضية. وتشبه موجة الحر الجديدة المراحل المبكرة من “بلوب” عام 2014 التي بلغت ذروتها خلال عامي 2014 و2015 مع درجات حرارة قريبة من 67 درجة فهرنهايت (ما يعادل 19 درجة مئوية) وهي أعلى من المتوسط الحراري للمنطقة بنحو سبع درجات فهرنهايت.
وقال “أندرو ليسينغ”، الباحث في مركز علوم المصايد التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، إن الموجة الحارة الحالية تسير بنفس مستوى سابقتها قبل خمسة أعوام. وطور ليسينغ وزملاؤه نظاما لتتبع وقياس موجات الحرارة في المحيط الهادئ باستخدام بيانات الأقمار الصناعية.
وأوضح ليسينغ -وفق البيان الصادر عن الإدارة- أن المياه الباردة التي امتدت من أعماق المحيط على طول الساحل تحجز الموجة الحارة حتى الآن بعيدا عن الشاطئ. وقال إن الموجة الحارة يمكن أن تتحرك بعد ذلك إلى الشاطئ وتؤثر على درجات الحرارة الساحلية، وهو ما يبدو أنه قد حدث بالفعل على طول ساحل ولاية واشنطن.
وفي الوقت الحالي، يكثف مركز مصايد الأسماك عمليات رصد ومتابعة الموجة الحارة الجديدة، والمعروفة باسم موجة الحرارة البحرية لشمال شرق المحيط الهادئ لعام 2019. وتهدف مراكز علوم المصايد الجنوبية الغربية والشمالية الغربية إلى توفير معلومات عن الكيفية التي يمكن أن تؤثر بها الموجة البحرية الحارة غير المعتادة على النظام البيئي البحري والثروة السمكية في المنطقة.
تهديد البيئة البحرية
وأدى ارتفاع معدلات الضغط الجوي إلى ترطيب الرياح، ومن ثم تبريد سطح المحيط. ولا تزال موجة الحر جديدة نسبيا وتؤثر في المقام الأول على الطبقات العليا من المحيط، لكنها قد تتفكك بسرعة إذا تغيرت الظروف الجوية غير المعتادة التي تسببت في حدوثها.
ورغم أن التوقعات الحالية تشير إلى اعتدال موجة الحر -حتى الآن- لكنها على الأرجح مستمرة لعدة أشهر إضافية، وهو ما دفع الباحثين إلى الاعتقاد بأنه ستكون لها تأثيرات سلبية على النظام البيئي البحري في منطقة الساحل الغربي للولايات المتحدة، من خلال توفير بيئة مناسبة للمفترسات البحرية التي تلتهم أسماك السلمون في المنطقة وتؤثر سلبا على عوائد مصائد الأسماك.
كما تشمل التأثيرات الأخرى المرتبطة بالموجة الحارة أيضا نمو الطحالب الضارة بشكل كبير في المنطقة، وجنوح الآلاف من حيوان أسد البحر في كاليفورنيا من المياه إلى الشواطئ.
ويتمثل أحد التحديات التي تواجه الباحثين في مدى قدرتهم على تطبيق الدروس المستفادة من موجة الحر السابقة لتوقع وتخفيف الآثار المحتملة للموجة الجديدة. على سبيل المثال، أدى الماء الدافئ في الموجة السابقة إلى دفع جمال البحر (الحوت الأحدب) وغيرها من الحيتان إلى التغذي على الأسماك القريبة من الشاطئ.