هذه هي أول قمة لجامعة الدول العربية تعقد منذ ثلاث سنوات. كان من المفترض أن تعقد في الجزائر في شهر مارس الماضي غير أن التوافق حول مواضيعها ومخرجاتها اضطر المسؤولين الجزائريين إلى طلب إرجاء عقدها حتى الأول من نوفمبر سعيا لتقريب وجهات النظر المتباينة بين مختلف الدول العربية حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية وبالتالي تفادي ارتباط اسم الجزائر بفشل محتمل.
وحرصت الدبلوماسية الجزائرية، التي غابت إلى حد كبير عن الشؤون العربية لعدة سنوات، على إظهار نفوذها في هذه المناسبة بإطلاق عبارة “لم الشمل” على هذه القمة في محاولة لإظهار وحدة الصف العربي. غير أن الانقسامات السياسية بين العرب الذين اجتمعوا في الجزائر عميقة وقد تحول دون بلورة موقف عربي موحد وذي معنى من كل القضايا.
وتنقسم مواقف الدول العربية من قضايا دعم القضية الفلسطينية، والأدوار الإقليمية لإيران وتركيا، وإعادة تأهيل الرئيس السوري بشار الأسد، وإصلاح هياكل الجامعة العربية، فيما يستمر الخلاف الديبلوماسي بين الجزائر والمغرب بشأن إقليم الصحراء الغربية.
وقبيل القمة استضافت الجزائر الشهر الماضي الفصائل الفلسطينية في محاولة لإنهاء الخلافات المزمنة بينها. وقد سعى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى إجراء مصالحة فلسطينية خلال هذه القمة، ووقعت الفصائل الفلسطينية على “إعلان الجزائر للم الشمل الفلسطيني”.
ونص الإعلان على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها مدينة القدس خلال عام من توقيعه، كما نص على انتخاب أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج بنظام التمثيل النسبي الكامل خلال عام من توقيع الإعلان.وإذا كانت الجزائر قد تمكنت من جمع الفصائل الفلسطينية تحت سقف واحد فإن الحظ لم يحالفها في إقناع كل الدول العربية بإنهاء تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية. وقد وئدت هذه المبادرة في مهدها بعد إعلان دمشق في سبتمبر الماضي عدم حضورها قمة الجزائر تفاديا لإثارة الخلاف بين الدول العربية.
وبالإضافة الى الانقسام حول عودة سوريا الى كنف الجامعة العربية، لا تزال الدول العربية منقسمة حول الصراعات في اليمن وليبيا والتدخل التركي والإيراني في المنطقة إضافة الى التطبيع مع إسرائيل، الخطوة التي أقدمت عليها كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان خلال السنتين الماضيتين.ويبدو أن الدول العربية أبعد ما تكون اليوم عن التوافق حول كل القضايا. كما أنها تواجه تحديات اقتصادية وسياسية وغذائية وأمنية عدة تتطلب تكاملا عربيا مشتركا فشلت القمم الماضية في تحقيقه.
وعلاوة عن القضية الفلسطينية التي ستحتل موقعا محوريا في القمة سيطرح ملف أزمة سد النهضة بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، بناء على تقرير لدولة مصر. وتطمح الجزائر الى مناقشة موضوع إصلاح الجامعة العربية الذي ظل غائبا عن أجندات القمم السابقة نتيجة خلافات بين بعض الدول الأعضاء. ويدور النقاش هنا حول وآلية التصويت بالإجماع وتدوير منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي كان مطلبا للجزائر ودول عربية أخرى في العقدين الأخيرين وما إذا كان سيشمل هياكل وآليات عمل الجامعة العربية.
لقد عودت القمم العربية مواطني دولها على الخروج بقرارات دون تفعيل معظمها. لكن يتغير نسق القمم العربية مع قمة الجزائر؟